بقلم الدكتور صلاح الراشد
لو كنت تمارس ما تعلمته في الأيام الماضية، فأنت الآن في وضع جيد من ناحية المعرفة، ولاشك أنك تمتلك آليات حياتية قوية للحصول على السلام الداخلي، وهي أولوية لديك. بقي عليك فقط أن تنقل المعرفة إلى تطبيق ثم من التطبيق إلى العيش (سجية). ذكرنا بالأمس تقنية في التعامل مع اللحظة السعيدة أو الممتعة. تصيدها وركز عليها. سنذكر اليوم اللحظة غير الممتعة وكيفية التعامل معها
احسم المشاعر السلبية
إن الجسد، في الغالب، صادق، لكن المشاعر ليست بالضرورة كذلك. الأفاتار مشاعره صادقة، لأن الأفتار منسجم بين جسمه ومشاعره وروحه وفكره. كلما قل وعي الإنسان كلما وجب عليه الانتباه من الاعتماد على مشاعره والهامه. شخص دون 200 على مقياس هاوكينز في الوعي يجب أن يتجنب الاعتماد على أحاسيسه وإلهامه. في الغالب تكون مشاعره غير صادقة. هو ينطلق من انفعالات مضطربة ووعي منخفض. شخص في 500-1,000 على مقياس هاوكينز، لا يكاد يخطأ له إلهام. أنت في الغالب دون 500، لم ألتقي بعد في الوطن العربي من هم فوق الـ500 إلا عدد قليل جداً جداً. لهذا السبب، تجنب الاعتماد على الهامك حالياً واعتمد جسدك فقط، كما سيأتي. أولئك الذين ينهون البرنامج المتقدم في جوي12 أو من في منزلتهم يكونون أقرب إلى اعتماد الالهام. هذه المسألة تحتاج إلى التدريب العميق والمركز. عندما تشعر بالألم فإن وراء الألم رسالة. في بعض الأحيان يأتيك صداع. قد تأخد له مسكناً. لا مانع، لكن لو تكرر الصداع فالمسكن هنا هو "قتل للرسول". المقصود بالرسول هو الألم أو الصداع أو الحساسية .. والمقصود بالرسالة أي من الروح أو الجسد للشخص. إن المطلوب معرفة الرسالة. بعد معرفة الرسالة، العمل على تحقيق هذه الرسالة أو حسم الصراع الدائر في الداخل
لما خرج بعض الشباب المخدوع بفكر القاعدة من سجون غوانتنامو طلب مني أحد القادة أن أعطيه رأيي في موضوع هؤلاء الشباب وأفضل السبل في التعامل معهم. ألتقيت مدير عام أمن الدولة في هذه البلدة ومساعديه، وأقترحت عليه ألا يعمل ما عملته بعض الدول العربية من مواجهة العنف بالعنف، بل بتأسيس صندوق يدعم احتياجاتهم، والمساعدة في تزويجهم، وعدم تعريضهم لأي تعذيب أو سجن، ومحاورتهم من خلال بعض العقلاء والمشايخ المعتدلين. لكن طلبت منهم ألا يسمحوا لهم بالسفر للخارج. يعني القيد الوحيد هو عدم السفر، كي لا يستمر التغرير. أخذ المسؤولون بهذه النصيحة، وبفضل الله، لم نسمع من هذه الدولة أي مشكلة بخصوص هؤلاء العائدين، بل رجع معظمهم مما كان عليه، وتم إعادة تأهيلهم للاختلاط في المجتمع. إن إدارة الصراع لا تكون بالصراع. إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بالقوة، لأنه لو استرد بالقوة فسيزول من خلال قوة داخلية تم إنشاؤها بهدف الإزالة. إن عمر بن الخطاب لا يولي العسكر، فهو فور انتهاء خالد بن الوليد، وهو بطل عسكري مخلص، رضي الله عنه، عزله من ولاية العراق، وولى عليها رجل علم وفقه وعدالة، ضعيف القامة، لا يفقه في الجهاد ولا القتال شيئاً، وهو عبدالله بن مسعود، رضي الله عنه. ليس العيب في خالد ولا الحل في بن مسعود، لكن منهجية العمل الصحيح تقتضي ذلك. أنا كررت هذا الكلام لكثير من المسؤولين والمفكرين الأمريكيين بأن يدركوا البعد وراء معاداة بعض الشعوب، بالذات العربية، لأمريكا. إن ضرب البرجين في سبتمبر عمل إجرامي وسفيه وجبان لا يبت للإسلام ولا المسلمين ولا العرب بأي صلة، لكن معالجة هذا العنف لا تكون بغزو أفغانستان ولا العراق. إن ذلك يجلب مزيداً من الضرر والعنف للعالم. إن الحل في ثورة ليبيا لا تكون بتاتاً بمواجهة جيوش القذافي، بل بالتحمل السلمي حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وإلا فغزة جديدة. رغم أني لا أعتقد أن ما حصل في تونس ومصر سيجلب وضعاً أفضل دون تحرك إصلاحي عميق، إلا أنه حق وصحيح وسلمي، لا يُنكر على الشعوب هذا الخيار فيه
عندما يشتد الجسد عليك بالأعراض لا تواجهه بالعنف. افهم الرسالة. بعدها تعامل معها، الرسالة من الروح دائماً وأبداً إيجابية. هاك بعض المقترحات
- عندما يأتيك أي ألم أو ضيقة أو عرض في الجسد فانتهز الفرصة
- استدعي الألم/الضيقة/العرض وتعامل معه. رحب به ثم انشأ حواراً بينك وبينه
- صف العرض/الألم/الضيقة حسياً وبصرياً وسمعياً. أعطه لوناً وشكلاً واسماً .. الخ
- تنفس بعمق، على الأقل ثلاث مرات
- لو استمر العرض ولم يتخفف فتحاور معه. سل ما الذي تريده؟ ثم تخيل سبورة يكتب فيها ما يريد
- لو تخفف العرض فلا داع للاستمرار في الحوار. استمر تنفس بعمق ثم راجع حتى يزول تماماً
- لو لم يخف وبدأ يكتب لك فاعرف الرسالة. دونها ثم اعمل على تحقيق مغزاها. لو كانت جملة سلبية فهي ليست رسالة. الرسالة يجب أن تكون نية ايجابية
- لو لم تعرف طريقة تطبيق التمرين فلا بأس بأن تعمله فقط مع التنفس، فقط جلب الوعي للمشكلة يحل في كثير من الأحيان المشكلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق